رجلان يسيران ومن ورائهما منظر الأفق في حي الخليج الغربي بالدوحة، قطر. الصندوق يرى ضرورة مواصلة بلدان المنطقة المصدرة للنفط تنفيذ خطط التنويع الاقتصادي (الصورة: JTB Photo/UIG via Getty Images)

الإصلاحات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكنها تزوِّد محركات النمو بالوقود اللازم

2 مايو 2017

يشهد النمو تحسنا طفيفا في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مدفوعا في الأساس بارتفاع أسعار النفط وتحسن توقعات التصدير. ولكن الصراعات الأهلية ومعدلات البطالة المرتفعة لا تزال تلقي بظلالها على الآفاق الاقتصادية في المنطقة.

ويؤكد تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الذي صدر عن الصندوق في 2 مايو الجاري في دبي، أنه يتعين على هذه البلدان مواصلة تنفيذ خططها الرامية إلى تنويع اقتصادتها وتنفيذ السياسات الداعمة لفرص العمل والإنتاجية، كإصلاحات التعليم والبنية التحتية.

وفي هذا الصدد، قال السيد جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بمناسبة إطلاق التقرير في دبي "إن هذه البيئة العالمية الأكثر إيجابية، بما في ذلك بعض التحسن في أسعار السلع الأولية، هي ما يتيح متنفساً مواتيا للمنطقة بعد فترة عصيبة".

وأكد قائلا "إن توقعاتنا  مع ذلك تشير إلى أن النمو سيكون منخفضا إلى حد لا يتيح خلق فرص العمل الكافية أو تحسين مستويات المعيشة. وهناك كثير من البلدان – وخاصة المستوردة للنفط – تتحمل مستويات مديونية عالية أيضا". وبالتالي، فإن البلدان المصدرة والمستوردة للنفط "تواجه متطلبين ضروريين على صعيد السياسات، وهما ضبط أوضاع المالية العامة والإصلاحات الهيكلية".

آخر توقعات النمو
النمو يتحسن في البلدان المستوردة للنفط، وإن كان من المتوقع تباطؤه في بلدان المنطقة المصدرة للنفط بسبب تخفيضات الإنتاج النفطي.
(نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، التغير %)       

 

 

توقعات

 

2016

2017

2018

الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان

3.9

2.6

3.4

  البلدان المصدرة للنفط

4.0

1.9

2.9

    النمو النفطي 

16.3

4.3

6.8

    النمو غير النفطي

0.4

2.9

2.7

      مجلس التعاون الخليجي

2.0

0.9

2.5

         إجمالي الناتج المحلي النفطي

2.6

-2.0

2.4

         إجمالي الناتج المحلي غير النفطي

1.9

3.0

2.7

  البلدان المستوردة للنفط

3.7

4.0

4.4

المصادر: السلطات الوطنية؛ وحسابات وتوقعات خبراء صندوق النقد الدولي.
البلدان المصدرة للنفط: الجزائر والبحرين وإيران والعراق والكويت وليبيا وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة واليمن.
البلدان المستوردة للنفط: أفغانستان وجيبوتي ومصر والأردن ولبنان وموريتانيا والمغرب وباكستان والسودان وتونس.
ملحوظة: لا تتضمن البيانات الجمهورية العربية السورية.            

النمو يشهد انتعاشا

وتشير التوقعات إلى أن معدلات النمو الكلي في بلدان المنطقة المستوردة للنفط سوف تزداد من 3.7% (انظر الجدول) في عام 2016 إلى 4% في عام 2017 – ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير للسياسات التي خفضت عجز المالية العامة وأدت إلى تحسين مناخ الأعمال، كما في المغرب وباكستان. أما في بلدان المنطقة المصدرة للنفط، فمن المتوقع أن تتسارع أيضا وتيرة النمو غير النفطي من 0.4% في 2016 إلى 2.9% في 2017،  وإن كانت تخفيضات الإنتاج عقب اتفاقية "أوبك +" ستخفض النمو الكلي مؤقتا.

ولن تكون زيادة النمو المتوقعة في بلدان المنطقة المستوردة للنفط كافية لإحداث أثر ملموس على معدل البطالة المرتفع في المنطقة – ويبلغ حوالي 12%. وفي البلدان المصدرة للنفط، فإن تعديلات السياسات، كتخفيضات الإنفاق العام، سوف تواصل تقييد النشاط الاقتصادي. ومن المرجح أن تستمر الصراعات في إثقال كاهل المنطقة بالأعباء.

تحسن مستويات العجز

رغم تضييق فجوة عجز المالية العامة في البلدان المصدرة للنفط فلا بد لها من مواصلة جهود تخفيض العجز والبناء على ما أحرزته من تقدم في كبح الإنفاق، كما في حالة الجزائر والبحرين. ووفقا لما ورد في التقرير، يُتوقع انخفاض مستويات عجز المالية العامة من 10% من إجمالي الناتج المحلي في 2016 إلى أقل من 1% في 2022، مما يمثل تحسنا كبيرا يساعد على بناء الصلابة.

وقد تحسنت كذلك أوضاع المالية العامة في البلدان المستوردة للنفط. وبالنسبة للمنطقة بوجه أعم، انخفض متوسط عجز المالية العامة من 9.25% من إجمالي الناتج المحلي في 2013 إلى حوالي 7% في 2016، الأمر الذي يرجع في الأساس لخفض الدعم على أسعار الوقود (مصر، المغرب، السودان) وجهود زيادة الإيرادات وتعزيز التحصيل الضريبي (باكستان).  

لكن الدين العام لا يزال مرتفعا، حيث لا تزال نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي في بعض البلدان المستوردة للنفط تتجاوز 90%. ومن المرجح أن تزداد تكلفة خدمة الدين (المرتفعة للغاية في مصر ولبنان وباكستان) بما يتماشى مع الارتفاع المتوقع في أسعار الفائدة العالمية. وتتسبب مستويات الدين المرتفعة كذلك في إبعاد المستثمرين وزيادة المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي.

وسيؤدي ارتفاع تكاليف خدمة الدين إلى زيادة الضغوط المفروضة على أوضاع المالية العامة، مما يحد من الإنفاق العام – على البنية التحتية والتعليم مثلا – لدعم النمو. ومن الضروري مواصلة إجراءات التصحيح المالي، تعززها الجهود الرامية إلى تقوية الإيرادات الضريبية، عن طريق توسيع القاعدة الضريبية، واستكمال إصلاحات الدعم.

تنفيذ الإصلاحات لحفز فرص العمل

على البلدان المصدرة للنفط في المنطقة مواصلة العمل على تنويع اقتصاداتها بعيدا عن تركيزها على الهيدروكربونات وتوجيهها إلى القطاعات غير النفطية لضمان تحقيق النمو المتسق والقابل للاستمرار. وتوضح الرؤية الاستراتيجية لكل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية قوة التزام البلدين بتنويع استثماراتهما وإيجاد محركات جديدة لزيادة الإيرادات. وسوف يتعين استكمال هذه الخطط بسياسات داعمة لدور القطاع الخاص – مثل مركز الكويت للأعمال الذي تم افتتاحه مؤخرا – وجاذبة لمزيد من الاستثمارات الأجنبية.

وبالنسبة للبلدان المستوردة للنفط، لا تزال معدلات النمو أقل من المستوى المطلوب لتخفيض البطالة. ومع ضيق الحيز المتاح للإنفاق تخضع حكومات هذه البلدان للقيود. ولتشجيع نشاط القطاع الخاص وزيادة فرص العمل بإمكان الحكومات توفير الفرص التعليمية والتدريبية، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل (مثلا من خلال إعداد ميزانية النوع الاجتماعي في المغرب) وتحديث القواعد التنظيمية لحماية المستثمر، كما في حالة الأردن وموريتانيا.

تكلفة الصراعات

لا تزال الصراعات الدائرة في المنطقة – التي تسببت في تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين والنازحين في الداخل – لا تقتصر على تكلفتها الإنسانية بل وعلى عواقبها الاقتصادية الوخيمة، بالنسبة للبلدان المتأثرة مباشرة بالصراع والبلدان المجاورة، على حد سواء.

وقال السيد أزعور "إننا ندرك أن الصراعات لا تزال تشكل مصدر قلق عميق في منطقة الشرق الوسط وشمال إفريقيا؛ ونحن في الصندوق نشاطركم هذا القلق".

ويعمل صندوق النقد الدولي مع الشركاء الدوليين الآخرين على مساعدة البلدان المتأثرة بالصراع حتى تتمكن من مواكبة العواقب الاقتصادية السلبية المباشرة، والتأهب لدعم جهود إعادة البناء بمجرد انخفاض حدة الصراعات. وعلى سبيل المثال، يقدم الصندوق مساعدة فنية مكثفة في الصومال وقدم الدعم المالي لكل من أفغانستان والعراق.

وأكد السيد أزعور قائلا إن مسؤولية تحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في بعض أنحاء المنطقة المتأثرة بالصراعات لا تقتصر على هذه البلدان فقط؛ بل إنها ضرورة عالمية".